بتاريخ 15 أبريل اندلعت الحرب بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وقد كانت أول مواجهة بينهما في أرض المعسكرات بسوبا غرب ومحيط المدينة الرياضية، ثم توسعت المواجهات لتشمل كل القواعد العسكرية المنتشرة في محليات الخرطوم المختلف. رصدت المجموعة السودانية لحقوق الإنسان (حقوق) حالات انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرض لها المدنيون في محلية شرق النيل.
يوجد معسكران للدعم السريع في محلية شرق النيل، وعند اندلاع الصراع وبداية تحليق الطيران العسكري انتشرت القوات الموجودة داخل هذه المعسكرات في الأحياء السكنية المجاورة ووسط المنازل، وتمركزت عدد من العربات القتالية حول مستشفى شرق النيل ما أخرج المستشفى من الخدمة، وقد تم استخدامه لعلاج مصابي الدعم السريع فقط لفترةٍ طويلة، كما انتشرت العربات القتالية وسط الأحياء السكنية بصورةٍ واسعة، وكانت أحياء (الهدى، القادسية، الجريف شرق، النصر، سوبا شرق ومحطة 13) هي المناطق التي تواجدت فيها القوات بصورةٍ مكثفة، مع إنفتاح للقوات في أحياءٍ أخرى، كما سيطرت على كبري المنشية وسوبا شرق، وأقامت نقاط تفتيش في مداخل الجسور.
بسبب الأعمال الحربية نزحت أعداد كبيرة من المواطنين إلى المدن والأقاليم المختلفة وتركت وراءها منازلها وسياراتها وكافة ماتملك، قامت القوات التي تتبع للدعم السريع باحتلال منازل المواطنين وتخربيها ونهبها وسرقت السيارات الموجودة فيها وشرعت في استخدامها للتنقل والعمل الحربي، كما أقامت قوات الدعم السريع نقاط تفتيش في نقاط مختلفة عاملت فيها المواطنين بصورةٍ سيئةٍ للغاية، وقد قامت باعتقال عشرات المواطنين المدنيين واقتادتهم نحو معتقلاتٍ سرية تحت ذريعة الاشتباه بانتمائهم لقوات نظامية، وتم إستخدام معسكرات الدعم السريع ومنازل مجهولة كمقارٍ للاعتقال، يتم فيها التحقيق مع المعتقلين لأيام في بعض الأحيان ولأسابيع في حالاتٍ كثيرة، ويقدر مكتب المفقودين التابع لغرفة طوارئ شرق النيل (وهي منظمة مجتمع مدني تعمل على الاستجابة السريعة والمساهمة في تخفيف الوضع الإنساني المتفاقم في شرق النيل) بأن أعداد المفقودين الذين تم الإبلاغ عن فقدانهم للمكتب تجاوز ال (60) مفقوداً، وحوالي (16) منهم فقط قد تم التبليغ عن عودتهم.
تقوم قوات الدعم السريع المنتشرة وسط المواطنين بالقيام بانتهاكاتٍ واسعة من تفتيش عشوائي، وسرقةٍ لمقتنيات المواطنين، وتهديد في نقاط الارتكاز، وطلب أموال في مقابل السماح بالمرور والخروج إلى الولايات الأخرى، كما قد تم التبليغ عن وجود حالتي اغتصاب قامت بها قواتهم المتواجدة بالمنطقة.
هذه القوات المنتشرة تقوم بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء من الأسلحة المتوسطة والثقيلة والمضادات بصورةٍ مستمرة من نقاط تمركزها وسط الأحياء ضد الطيران الحربي، وأحياناً يتم إستخدام الأسلحة الخفيفة وإطلاق الرصاص بصورةٍ عشوائية، ما يسبب الرعب وسط المواطنين ويحدث بعض الإصابات بالرصاص الطائش، كما قد تكرر أكثر من مرة تعديهم على مستشفى البان جديد (المستشفى الوحيد العامل بالمنطقة والذي تُشرف عليه غرفة طوارئ شرق النيل بالتعاون مع اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان)، وذلك بترهيب المرضى ومرافقيهم، والتعدي على الكوادر الطبية والمتطوعين، وإطلاق الرصاص ليس داخل حرم المستشفى فقط بل حتى داخل غرف المرضى.
محاولات قيادة قوات الدعم السريع بإحكام السيطرة على سلوك الجنود في أغلب الأحياء تبوء بالفشل، وذلك نتيجةً للانتشار الواسع للقوات بمحلية شرق النيل، ولطبيعة تركيبة هذه القوات، وهناك رصد لحالات محدودة تدخلت فيها الرتب العليا لضبط سلوك منسوبيها ونجحت في ذلك.
حتى تاريخ كتابة هذا التقرير مرت 55 يوماً منذ اندلاع هذه الحرب العبثية، حدثت خلالها بعض الاشتباكات الأرضية المباشرة بين قوات الجيش والدعم السريع، ولكن على الأغلب كانت قوات الجيش تستخدم الطيران الحربي للاستطلاع ثم تقوم بالقيام بعدة ضربات ضد أهداف تتبع لقوات الدعم السريع، القصف الجوي لسلاح الطيران التابع للجيش تسبب في فقدان أرواح مواطنين مدنيين وإصابة أهداف غير عسكرية كثيرة، وقد نتج عن القصف غير الدقيق للطيران والمدفعية عدد من الوفيات وسط السكان بعضهم كان مجاوراً للأهداف وبعضهم كان موجوداً داخل منزله، ونجد أن ذلك قد تسبب في خسائر كبيرة في أرواح المواطنين وممتلكاتهم، ومازال يهددها.
نتيجةً للحرب المستمرة بين الطرفين برز واقع إنساني سيء، انعدمت فيه العديد من ضروريات الحياة، واختفت الكثير من السلع الأساسية من الأسواق، التي أصبح الوصول إليها مهمةً صعبة لانتشار أعمال السلب والنهب، ونفاد ما تبقى من أموال في جيوب المواطنين، والخوف من شبح الموت الذي تنوعت أسباب حدوثه، كما أن الحصول على أبسط درجات الرعاية الصحية أصبحت مهمةً صعبةً للغاية، لإنعدام الكثير من المستلزمات الطبية، وأدوية الأمراض المزمنة، والعلاجات المُنقذة للحياة، وإغلاق أغلب الصيدليات والمراكز الصحية لأبوابها، بالإضافة لعدم إستقرار التيار الكهربائي وصعوبة الوصول إلى الإمداد المائي وبدء نفاذ غاز الوقود، وصعوبة الإتصالات وانقطاع شبكة الإنترنت معظم اليوم، وقلة وسائل المواصلات والحركة، كلها أسباب تسببت في وفيات بأعداد مقدرة لم يتم إحصائها بعد لإدراجها في التقرير الرسمية المتداولة.